آخر الحزن
آخر الحزن أسكتي يا امرأة وليدك ـ لعن الله ساعة مولده ـ ماكان ينقصني إلاّه. كان هذا صراخَ الأب الفحل لجاريته فأسرعتِ الزوجة تسدّ فم عبد الله بمصّاصة خادعة ما زالت عليها آثار أسنان إخوته العشرة. فصمتَ عبد الله ينساب الحزن إلى قلبه الصغير. ـ اخرس وإيّاك أن تناقشَني بعد الآن بمسألة واحدة. صاح المعلم وهو ينهالُ على جسدِ عبد الله الصغير بعصا حُفر عليها ـ العصا من الجنة ـ فغاص الحزن في قلب عبد الله. ـ اصمت حالاً وكفّ عن هذا الجدال.. ألم تدرِ بأن الجدالَ يقود إلى العقل والعقل يقود إلى الشكّ والشكُّ يقود إلى الكفر.. فاحذر من غضبي وغضب الله يا عبد الله. قالها الشيخ وهو يتمتم مستغفراً لعبد الله ما اقترف.. فصمت وغاص الحزن عميقاً.. عميقاً.. ـ ابلع لسانك واحذر أن تفتحَ فاك ثانيةً بأمور لا تعنيك وإلا فتحنا قبرك. هكذا بعق المحقّق في وجه عبد الله الذي تمزّق لحمه. فصمت عبد الله وتغلغل الحزن إلى أقصى مداه. قلبُ عبد الله الآن بيضةُ حقد تومضُ لـهيباً لا يستطيع احتمالَه. انتزع عبد الله ما كان قلباً وألقاه في ساحةِ المدينة فدوّى انفجارٌ هائل فأصغى الجميع إليه الآن بخوف راغمين. |